شركات الشحن تواجه اضطرابات متواصلة في ظل أزمة الرسوم الجمركية

شركات الشحن تواجه اضطرابات متواصلة في ظل أزمة الرسوم الجمركية
حركة الشحن في أحد الموانئ

شهدت شركات الشحن البحري العالمية خلال الأسابيع الأخيرة اضطرابات كبيرة، نتيجة لتقلبات غير مسبوقة أثارتها الإعلانات الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية، الأمر الذي فرض تحديات إضافية على قطاع النقل الدولي.

وكشف تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء أن تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرسوم الجمركية الإضافية على الواردات لمدة 90 يوماً، باستثناء تلك المفروضة على الصين، أحدث هزة جديدة في الأسواق، بعدما كانت قد تأثرت سابقًا مع بداية العام بتقلبات حادة.

وسجّلت الأسابيع الثلاثة التي سبقت إعلان ترامب تباطؤاً في حركة التجارة، حيث كانت العديد من السفن تعبر المحيطات بنسبة حمولة لم تتجاوز 50%، خاصة على الخطوط المتجهة نحو الولايات المتحدة. وخلال تلك الفترة، انخفضت أسعار الشحن، في حين لجأت شركات النقل إلى الاحتفاظ بمخزوناتها كإجراء احترازي.

تسارع عمليات الشحن

رصد خبراء في القطاع تأثيراً عكسياً خلال الأيام العشرة الأخيرة، إذ دفع قرار الممثل التجاري للبيت الأبيض بفرض ضرائب على السفن المصنّعة في الصين، عند رسوها بالموانئ الأمريكية بدءًا من منتصف أكتوبر، إلى تسارع عمليات الشحن.

وشهدت الأسواق اندفاعًا لحجز مساحات شحن، وسط محاولات لتصفية المخزونات، ما أدى إلى صعوبات في حجز الحاويات وعودة أسعار الشحن إلى الارتفاع.

رغم الارتفاع الحالي، تخشى شركات الشحن من تكرار سيناريو التراجع الذي وقع خلال عامي 2018 و2019 في ظل الإدارة الأمريكية السابقة، عندما تسببت الرسوم الجمركية آنذاك في فائض بالقدرات التشغيلية وانخفاض الأسعار وارتفاع التكاليف، ما أدى في النهاية إلى تراجع الإيرادات.

تحولات في طرق الشحن

توقّع خبراء ومحللون أن يشهد قطاع النقل تحولاً في المسارات التقليدية، مع تراجع المسارات المرتبطة بالصين لصالح دول أخرى مثل الهند وجنوب شرق آسيا، ورجّحت نائبة رئيس شركة الشحن البريطانية "زينكارغو"، آن صوفي فريبورغ، أن يصبح المسار بين الصين والولايات المتحدة غير مجدٍ اقتصادياً، ما سيُجبر مالكي السفن على التوجه نحو وجهات بديلة مثل أمريكا اللاتينية.

رغم تلك التوقعات، لم تبادر كبرى شركات الشحن مثل "إم إس سي" (MSC)، و"سي إم إيه سي جي إم" (CMA CGM)، و"ميرسك" (Maersk)، إلى إعادة توزيع أساطيلها بعد.

وأكدت شركة "هاباغ لويد" الألمانية أنها لم تسجل أي تغيير في مسارات المحيط الأطلسي، لكنها رصدت انخفاضاً حاداً في الصين، قابله ارتفاع في الطلب بجنوب شرق آسيا.

توجه نحو الجنوب العالمي

رجّحت مجموعة بوسطن الاستشارية أن تتراجع التجارة بين الصين والولايات المتحدة بشكل حاد، مع احتمال تزايد التبادل التجاري بين دول الجنوب العالمي، بما يشمل الاقتصادات الناشئة ودول مجموعة بريكس.

وفي وقت سابق، توقعت منظمة التجارة العالمية أن تنخفض التجارة العالمية في السلع بنسبة 1.5% في عام 2025، في حال استمرت سياسات الرسوم الجمركية الأمريكية، مع احتمال تراجع التجارة بين الصين والولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 81%.

بحسب التقرير نجحت شركات الشحن في تطوير مرونة تشغيلية خلال السنوات الأخيرة، بعد تخطي أزمات مثل جائحة كورونا، وتداعيات التفاف السفن حول رأس الرجاء الصالح بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

إعادة توزيع الرحلات

أكد ألكسندر شاربنتييه، خبير النقل في شركة رولان بيرجيه، أن إعادة توزيع تدفق الشحن إلى مناطق أخرى "سيستغرق وقتاً"، لكنه أشار إلى أن شركات الشحن تملك اليوم من المرونة ما يكفي للتأقلم مع التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية الجديدة.

منذ بدء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين اعتمدت واشنطن سياسة الرسوم الجمركية كأداة للضغط الاقتصادي، ما أدى إلى اضطرابات واسعة في سلاسل الإمداد العالمية، تسببت هذه السياسات في تقلبات حادة بأسعار الشحن والتجارة الدولية، وأعادت تشكيل خريطة تدفقات البضائع حول العالم.

وتصاعدت الأزمة مع فرض رسوم إضافية على السلع القادمة من الصين، ما أثّر بشكل مباشر على شركات الشحن البحري، التي واجهت فائضاً في القدرات التشغيلية وانخفاضاً في الإيرادات، واليوم يثير قرار الإدارة الأمريكية الحالية فرض ضرائب جديدة على السفن الصينية مزيداً من القلق، وسط مؤشرات على تحوّل تدريجي في مسارات التجارة نحو مناطق بديلة مثل جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية